رأى الكولومبي ريجينو دوران في طفله جون، سمة تسعده وتثير مخاوفه عليه في الوقت نفسه. كان دوران الإبن يُصر على مرافقة ماريو غاليانو (أحد مكتشفي موهبته) في 2004 إلى ميديلين لخوض تجارب في فرقها.
في تلك الأثناء كان ريجينو معجبًا بتصميم طفله على تحقيق حلمه في لعب كرة القدم، لكنه في الوقت نفسه يخشى عليه من ترك دراسته.
قبل التحول من مدينة سرقسطة إلى عاصمة ولايتها أنتيوكيا، مدينة ميديلين، ظهرت علامات لاعب شغوف بكرة القدم في أسرة دوران، كان جون خادر دوران شغوفًا بالكرة، ويقضي معظم وقته في لعب الكرة مع أصدقائه. كان يكره الخسارة، ويطالب أصدقائه باللعب بجدية للفوز في المباريات.
من الملفت في طفولته أنه كان يرفض تناول الطعام بسبب الخسارة. ويردد دائمًا أنه سيصبح لاعبًا غنيًا ومشهورًا.
أشرف المدرب هرنان فيلا على جون دوران في سرقسطة. وكان لاعبه شديد التركيز على التدريبات، ويقضي فيها ساعات طوال، أما مدربه فآمن بموهبته وشجعه على تطويرها.
بدأت الأخبار تنتشر في سرقسطة عن لاعب موهوب للغاية، حتى وصلت إلى مسمع المدرب ماريو غاليانو في نادي كازا دي باز. وحين ذهب غاليانو ليكتشف الأمر بنفسه، عاد بقرار أن مستقبل اللاعب يجب أن يبدأ في عاصمة المقاطعة ميديلين على بعد نحو 250 كيلومترًا (مسيرة 5 ساعات برًا).
غادر جون دوران عائلته في عمر الـ 11، ودع أخويه الاثنين، وكلاهما أكبر منه، ووالده ريجينو العامل في مناجم الذهب في منطقة المحيط الهادئ، ووالدته ساتورنينا بالاسيوس، مسؤولة رعاية الأسر في سرقسطة.
في رحلة ميديلين، لم يتردد مسؤولو نادي إنفيغادو في قبول "موهبة سرقسطة" من أول التجربة، واستضافوه في معسكر الفريق (المنزل الداخلي).
يقع نادي إنفيغادو الكولومبي في مدينة إنفيغادو. وإنفيغادو جزءًا من منطقة وادي أبورا الحضرية، التي تضم أيضًا مدينة ميديلين.
بدأ جون دوران بعمر الـ 11 تدريباته تحت إشراف المدرب خورخي لويس برينها، داخل أسوار نادي إنفيغادو الذي تخرج منه الموهبتين الكولومبيتين خاميس رودريغيز وخوان فرناندو كوينتيرو.
بعد نحو 6 مواسم، جاء الألماني سيباستيان بيلزر، مدرب نادي شيكاغو فاير الأمريكي، إلى كولومبيا لمتابعة لاعب شاب في نادي إنفيغادو؛ ولكن خلال إحدى المباريات، لفت انتباهه لاعب آخر صغير السن يتميز بالسرعة والمهارة والقوة البدنية. كان هذا اللاعب هو جون خادر دوران، الذي كان يبلغ من العمر 17 عامًا فقط.
أعجب بيلزر بموهبة دوران، وقرر التعاقد معه لنادي شيكاغو فاير. وبالفعل، تمت الصفقة في يناير 2021، ليصبح دوران أصغر لاعب دولي ينضم لنادٍ في الدوري الأمريكي لكرة القدم في ذلك الوقت.
لعبت الصدفة دورًا ملفتًا في انتقال جون دوران، من أمريكا اللاتينية إلى أمريكا الشمالية. وكان التحدي الوحيد في الحياة الجديدة للشاب الكولومبي، مشاعر الحنين والعائلة لأصدقائه في موطنه.
على الرغم من الانتقال في سن صغيرة، تأقلم دوران بسرعة مع الدوري الأمريكي وحجز خانته الأساسية في فريقه، وكان ذلك يُمهد لانتقاله للدوري الإنجليزي.
قدّم الإسباني أوناي إيمري، خدمة لدوران وعائلته، بالوقوف خلف انتقاله إلى أستون فيلا في يناير 2021. وقال ريجينو والد جون: "عندما يتوق المرء إلى أحد أفراد أسرته، فلا يوجد برد أو ريح يمنعه". لقد قال ذلك رغمًا عن الاختلاف المناخي بين سرقسطة وبرمنغهام الشهيرة بمناخها الكئيب.
كان هناك سببان لاحتفال عائلة دوران، إذ لم يقتصر الأمر على القفزة النوعية في مسيرة جون دوران، لأن عائلته أصبح بإمكانهم قضاء المزيد من الوقت مع ابنهم، فالكولومبيون يحتاجون فقط إلى جواز سفر للذهاب إلى إنجلترا.
بعيدًا عن الحوافز الأسرية، مضى جون دوران في انتقاله لأستون فيلا بسبب طموحاته في مستوى أعلى من الدوري الأمريكي، ومن ذلك البيئة الاحترافية التي يوفرها له الدوري الإنجليزي، مع رغبته في الحصول على تدريب أفضل وفرصًا أكبر للتطور.
بعد عامين في الدوري الإنجليزي، بدّل جون دوران قميصه للمرة الثالثة في يناير. وأصبح بعمر الـ21 لاعبًا في 4 قارات، من الأمريكيتين الجنوبية والشمالية إلى أوروبا، ثم إلى دوري روشن السعودي، صاحب التصنيف الأعلى في قارة آسيا، بحسب الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
لم يكن ريجينو دوران يتوقع أن تصميم ابنه سيقوده إلى مزاملة اللاعب الأكثر تأثيرًا في العالم، البرتغالي كريستيانو رونالدو.
ترك ريجينو العمل في مناجم الذهب وتحوّل في فبراير من العام الماضي مشرفًا على الأكاديمية التي أنشأها ابنه في مسقط رأسه، وكذلك يشرف على مؤسسته الخيرية التي شيدها في مايو من العام نفسه أثناء لعبه في أستون فيلا.
ويقول ريجينو حين يتذكر طفوله ابنه: "كان ودودًا محبًا للمنزل، لكنه يتمتع بشخصية قوية".