لابورت يفتح بابًا عكسيًا في الدوري لأبطال أمم أوروبا

في العام 2004، يمّم العالم الكروي وجهه نحو البرتغال التي تستضيف نهائيات الأمم الأوروبية، للمرة الأولى.. ابتدأت البطولة بمواجهة أصحاب الأرض أمام اليونان. ولم يأخذ انتصار اليونان بنتيجة 2-1 الاهتمام الكافي في ذلك الوقت، مع ترقب كبير لأداء عمالقة ذلك الزمن في المنتخبات الأخرى، يتقدمهم نجوم منتخب فرنسا، حامل اللقب، ومنهم زين الدين زيدان وديفيد تريزيغيه وتيري هنري، إلى جانب نجوم منافسين في البطولة، بينهم مايكل بالاك ورفاقه في الماكينات الألمانية، وفان نيستلروي ورفاقه في الطواحين، إلى جانب  نجوم إنجلترا الصاعدين واين روني وفرانك لامبارد وستيفن جيرارد، لكن المتابعين سرعان ما استعادوا نتيجة مباراة الافتتاح؛ بعد تأهل طرفيها "نفسيهما" إلى المباراة النهائية.

هدف خاريستياس في نهائي 2004 تسبب بأعظم فرحة كروية في تاريخ اليونان

قبل بداية الألفية الجديدة في العام 2000، كانت أوروبا تعرف سادتها في كرة القدم، لم يكن بينهم اليونان التي فاجأت العالم حين شقت طريقها إلى نهائي الأمم الأوروبية 2004. وقبل العام 2000 أيضًا، كان الزعم بتصنيف منتخب البرتغال ضمن أقوياء أوروبا، قول يؤخذ منه ويرد.

عاشت البرتغال وقتًا طويلًا على أطلال أسطورتها أوزيبيو، حتى بدأت أحلامها تشرق على فجر جديد، مع بزوغ موهبة وطنية واعدة في جزيرة ماديرا، لفتت أنظار سبورتينغ لشبونة في العام 2001، ثم بعد عامين فقط نالت استحسان مدرب مانشيستر يونايتد، السير أليكس فيرغسون، فارتدى ملابس الشياطين الحمر.. وأصبح يومها أغلى لاعب شاب في تاريخ كرة القدم الإنجليزية. وقبل نهائيات 2004، لعب رونالدو 16 مباراة دولية مع منتخب البرتغال، سجل خلالها 6 أهداف.

في المباراة النهائية، استند مرشحو البرتغال على تأثير سلاحي الأرض والجمهور، وإلى الفوارق بين المنتخبين، لكن المعجزة حصلت ورفعت اليونان الكأس، بهدف رأسي أحرزه اللاعب أنجيلوس خارستياس، وخسر رونالدو المحاولة الأولى في رفع الكأس الأعظم في أوروبا، وهو في التاسعة عشرة من عمره. ثم لاحقًا، تسنت له 5 فرص استثنائية للتعويض (أكثر لاعب شارك في النهائيات الأوروبية) وحقق حلمه في التتويج عند المحاولة الرابعة، عام 2016.

في لحظة تتويج اليونان بلقبها الأوروبي الوحيد، كان إيمريك لابورت، لاعب النصر الحالي، طفل فرنسي في العاشرة من عمره، يلعب لصالح نادٍ فرنسي مغمور، يدعى (سبورتينغ يونيون أجين). أما في لحظة انتقال نجم المباراة النهائية ليورو 2004، اليوناني خارستياس، إلى النصر في فترة الانتقالات الشتوية من موسم 2012-2013 كان لابورت، منتقلًا لتوه من صفوف الفريق الرديف بنادي أتلتيك بيلباو للعب مع الفريق الأول لكرة القدم في النادي الأسباني.

عاش لابورت أزمتين في مسيره الكروية، تتعلق بأصوله، اندلع في الأولى منهما نقاشًا جدليًا طويلًا لحظة تسجيله في صفوف الفريق الشاب لأتلتيك بيلباو، وتجدد الجدل بعد تصعيده للكبار. بسبب السياسة الصارمة للنادي في رفض أي لاعب لا ينتمي لإقليم الباسك (الباسك مجموعة عرقية تعيش في منطقة الباسك على الحدود بين إسبانيا وفرنسا). ابتدأ الجدل حينما انضم لابورت لبيلباو في سن الـ 15، وذلك سن لا يسمح له باللعب خارج فرنسا، فأعير لمدة عام واحد إلى نادي أفيرون بايون الفرنسي (ناد باسكي لديه شراكة مع أتلتيك بيلباو) حتى يستوفي اللاعب أحد الشروط للعب مع بيلباو، وهو التدرب في أحد الأندية الباسكية. ورغم ذلك، لم يتوقف الجدل أثناء مسيرة لابورت في بيلباو، حتى اضطر لابورت للرد في 2016 لأحد الوسائل الإعلامية بالقول إن لديه جد أكبر من الباسك.

أما الأزمة الثانية، فاشتعلت بينه وبين مدرب المنتخب الفرنسي ديدييه ديشامب، منتصف العام 2021، حين قرر لابورت الحصول على الجنسية الإسبانية لتمثيل الماتادور بدلًا من المنتخب الفرنسي. وكشف المدافع الذي أصبح إسبانيًا بموجب قرار نشرته الجريدة الرسمية للدولة، عن معاناته السابقة من تجاهل ديشامب له، بعد مرور أكثر من 3 سنوات من انتقاله إلى مانشيستر سيتي؛ فتوترت العلاقة بعض الشيء بين لابورت وديشامب مع خروج الأخير للرد على مزاعم لابورت، ثم سرعان ما انطوت صفحة الخلاف بينهما مع ارتداء لابورت قميص "لاروخا". وأصبح لابورت يتحدث عن مستقبله مع الإسبان، موضحًا عبر أول مؤتمر صحفي له كلاعب إسباني دولي: "أخبرني لويس إنريكي أن أسلوب لعبي يتناسب مع فكرته عن كرة القدم، وأنه إذا كان لدي الجنسية، يمكنني أن أكون في المنتخب الوطني. لقد تحدثنا وقلت له بوضوح كان شيئًا مهمًا جدًا بالنسبة لي. هذا شيء كنت أريده دائمًا: اللعب على أعلى مستوى، في بطولة دولية".

رأسية إيدير في نهائي 2016 دخلت قائمة أعظم الأهداف في تاريخ البرتغال

في العام نفسه الذي حصل فيه لابورت على حق تمثيل المنتخب الإسباني، جاء بطل ثانٍ متوج ببطولة الأمم الأوروبية إلى الدوري السعودي للمحترفين، كان ذلك اللاعب إيدير لوبيز الذي منح البرتغال لحظتها التاريخية برفع الكأس في 2016 بعد هدفه في المباراة النهائية أمام فرنسا.. انتقل إيدير إلى فريق الرائد في صفقة انتقال حر بعد نهاية عقده مع لوكوموتيف موسكو الروسي. ولم يحظ إيدير بفرصة التجديد لموسم آخر بسبب إصابته المزدوجة في غضروف الركبة والرباط الصليبي، لذلك لم يشهد حضور مواطنه المتوج معه في 2016، كريستيانو رونالدو، لحظة قدومه إلى دوري روشن السعودي مع فريق النصر.

لابورت التحق برونالدو في النصر بعد نحو 8 أشهر

التحق كريستيانو رونالدو بدوري روشن السعودي في يناير 2023، محدثًا ضجة كبرى، اعتيادية، تصاحب كل تحركاته. وخلال أقل من 8 أشهر انضم لفريقه المدافع الإسباني إيمريك لابورت، قادمًا من مانشستر سيتي الإنجليزي. وفي نهاية الموسم 2023-2024 سافر اللاعبان مع 12 لاعبًا آخرين خاضوا منافسات دوري روشن السعودي إلى ألمانيا للمشاركة مع منتخبات بلدانهم في نهائيات الأمم الأوروبية 2024 (لاحقًا انضم إليهما ثنائي القادسية، المدافع الإسباني ناتشو والحارس البلجيكي كوين كاستيلس).

لابورت أول لاعب يتوج بأمم أوروبا بعد مسيرته أثناء مسيرته في دوري روشن السعودي

وكان حضور 16 لاعبًا يمثلون أندية دوري روشن السعودي، يمثل ترشيحًا قويًا لتتويج أحد لاعبي كرة القدم السعودية باللقب الأوروبي. وبالفعل، توجت إسبانيا بمشاركة لاعبيها لابورت وناتشو باللقب بعد الفوز على إنجلترا في المباراة النهائية. وأصبح لابورت أول لاعب متوج ببطولة أوروبا يختاره منتخب بلاده المتوج إلى قائمته من دوري روشن السعودي، على عكس جميع اللاعبين المتوجين بالبطولة الأوروبية الذين جاؤوا للدوري وعلى صدورهم أوسمة البطولة التي تحمل مسمى "هنري ديلوناي" تكريمًا لأول أمين عام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم.