الفنجال الأخير.. غوميز يعتزل كرة القدم

القهوة في الثقافة السعودية ليست مجرد مشروب، بل هي رمز عريق للكرم والشجاعة، يحمل "فنجالها" الصغير معاني الترحاب بالضيف ومكانة المضيف. هذه الرمزية العميقة وجدت طريقها حتى إلى ملاعب كرة القدم، حيث أصبحت جزءًا من تفاصيل الدوري السعودي للمحترفين، ورُبطت بالنجم الفرنسي بافيتيمبي غوميز مهاجم الهلال سابقًا.

غوميز، المعروف بأسلوب احتفاله الشهير الذي يحاكي الأسد، انغمس في الثقافة السعودية بعمق لافت، حتى أصبح وجهًا مألوفًا للزي السعودي وتقاليد القهوة. لم يتوقف الأمر عند شغفه بها فحسب، بل جعلها جزءًا من حياته اليومية؛ يقدمها لضيوفه في منزله بجانب "الدلة". أما عن علاقته بالقهوة، فيقول ممازحًا: إنها تفوق تأثير الدواء في مفعولها عليه حين مرضه.

ما يميز غوميز أكثر هو طريقته الفريدة في الاحتفال بالأهداف، إذ يتجه إلى مكان يعرفه جيدًا ليحمل فنجال قهوة ورقي، ويلوح به بفخر. بهذه الطريقة، أصبحت رمزًا يحتفي به مع الجماهير، مما جعل حياته اليومية انعكاسًا للمحبة التي يحملها في قلبه للمملكة التي عاش فيها ثلاث أعوام ونصف، من 2018 إلى 2022.

انضم غوميز إلى الهلال في أغسطس 2018 قادمًا من غلطة سراي التركي، ليبدأ مسيرة لا تنسى. خلال تلك الفترة، سجل 116 هدفًا في 154 مباراة مع الهلال، وحقق العديد من البطولات. قاد الهلال لتحقيق لقب الدوري ثلاث مرات، وفاز بكأس الملك، وكان الهداف الأول للدوري السعودي في موسم 2019-2020 برصيد 24 هدفًا.

لكن أكبر إنجازاته هي قيادة الهلال لتحقيق لقب دوري أبطال آسيا عام 2019 بعد سنوات من المحاولات. سجل غوميز الهدف الثاني في المباراة النهائية أمام أوراوا ريد دايموندز الياباني، ليحسم اللقب لصالح الهلال وينهي البطولة هدافًا لها. كما ساهم في اللقب الآسيوي التالي في 2021، ليكتب اسمه مرتين في سجل إنجازات الهلال الآسيوية.

 

لم يقتصر تأثير غوميز على كرة القدم، فقد كان حاضرًا في اللحظات الصعبة، مثل جائحة كوفيد-19، حيث دعا إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية وشارك في مبادرات خيرية لدعم المتضررين. هذه المواقف أظهرت شخصيته التي تجاوزت الملعب، ليصبح رمزًا للعطاء والوفاء.

حتى بعد مغادرته الهلال وعودته إلى غلطة سراي ومن ثم اليابان، بقيت السعودية في قلب غوميز. ظل يتردد إلى المملكة عند أي فرصة، وما زالت علاقته مع الهلال قائمة. حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يتابعها الملايين، مليئة بذكريات عن الفترة التي قضاها في السعودية.

في أحد منشوراته الأخيرة، عبّر عن فخره الكبير بتكريمه كعضو ذهبي في نادي الهلال، قائلاً: "يشرفني ويسعدني أن أكون عضوًا ذهبيًا في نادي الهلال، هذه العضوية تجلب لي سعادة وفخرًا هائلين."

 

اعتزل غوميز كرة القدم في سن 39، لكنه يظل في الذاكرة كلاعب بقلب أسد، وروح محبة للمملكة. كان غوميز أكثر من مجرد لاعب أجنبي، بل أصبح رمزًا يجمع بين التألق الرياضي والارتباط الثقافي، تاركًا أثرًا لن يُنسى في تاريخ الهلال وكرة القدم السعودية.